الصّلاة هي ثاني ركن من أركان الإسلام الخمسة ، وقد اشترط الإسلام في الصلاة أن يكون المصلّي على وضوء وطهارة . فلا تكتمل الصلاة الا بطهارة ولا تكون الطهارة إلا بالوضوء ، فما هو الوضوء؟ وما هي كيفيته ؟ وما مبطلاته ونواقضه ؟
ماهو الوضوء ؟ وهل تصح الصلاة بدون الوضوء ؟
يعتبر الوضوء من أول مقاصد الطهارة التي لا تصح الصلاة الا بها ، فالطهارة هي من اهم شروط الصلاة التي لا تكتمل إلا بها .
ماهي الادله من الكتاب والسنه على وجوب الوضوء عند الصلاة ؟
هناك العديد من الدلائل التي تؤكد وجوب الوضوء عند القيام الى الصلاة ومنها :
قول الله تعالى ( ياأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون ) سورة المائدة - الآية 6
و جاء في الصحيحين أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ "
ماهي مبطلات الوضوء ونواقضه ؟
ﻧﻮﺍﻗﺾ ﺍﻟﻮﺿﻮﺀ ﻣﺤﺼﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺛﻤﺎﻧﻴﺔ ﺃﻣﻮﺭ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺀ، ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺑﻌﻀﻬﺎ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴﻪ ﻭﻫﻲ :
1. ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺒﻴﻠﻴﻦ ﻗﻠﻴﻼً ﻛﺎﻥ ﺃﻭ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻃﺎﻫﺮﺍً ﺃﻭ ﻧﺠﺴﺎً، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﺃﻭ ﺟﺎﺀ ﺃﺣﺪ ﻣﻨﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺎﺋﻂ ) [ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ : 43 ] ﻭﻟﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﻓﻼ ﻳﻨﺼﺮﻑ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻤﻊ ﺻﻮﺗﺎً ﺃﻭ ﻳﺠﺪ ﺭﻳﺤﺎً، " ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴﻪ .
2. ﺳﻴﻼﻥ ﺍﻟﺪﻡ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻴﺢ ﺃﻭ ﺍﻟﺼﺪﻳﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﻲﺀ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻛﻤﺎ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﺤﻨﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ، ﻟﻤﺎ ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻣﻦ ﺃﻧﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ : " ﻣﻦ ﺃﺻﺎﺑﻪ ﻗﻲﺀ ﺃﻭ ﺭﻋﺎﻑ ﺃﻭ ﻗﻠﺲ ﺃﻭ ﻣﺬﻱ ﻓﻠﻴﺘﻮﺿﺄ، " ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ . ﻭﺍﻟﺮﺍﺟﺢ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﻨﻘﺾ؛ ﻟﻀﻌﻒ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ .
3. ﺯﻭﺍﻝ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺑﺠﻨﻮﻥ ﺃﻭ ﺗﻐﻄﻴﺘﻪ ﺑﺴﻜﺮ ﺃﻭ ﺇﻏﻤﺎﺀ ﺃﻭ ﻧﻮﻡ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻭﻛﺎﺀ ﺍﻟﺴﻪ ﻓﻤﻦ ﻧﺎﻡ ﻓﻠﻴﺘﻮﺿﺄ، " ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ﺑﺈﺳﻨﺎﺩ ﺣﺴﻦ ﻣﺎ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻨﻮﻡ ﻳﺴﻴﺮﺍً ﻋﺮﻓﺎً ﻣﻦ ﺟﺎﻟﺲ ﺃﻭ ﻗﺎﺋﻢ ﻓﻼ ﻳﻨﻘﺾ ﺣﻴﻨﺌﺬ، ﻟﻘﻮﻝ ﺃﻧﺲ : ﻛﺎﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻨﺎ ﻣﻮﻥ ﺛﻢ ﻳﺼﻠﻮﻥ ﻭﻻ ﻳﺘﻮﺿﺆﻭﻥ ." ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ﻭﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﻨﺎﻣﻮﻥ ﺟﻠﻮﺳﺎً ﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻥ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺼﺮﺡ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺭﻭﺍﻳﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ .
4. ﻣﺲ ﺍﻟﻘﺒﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﺪﺑﺮ ﺑﺎﻟﻴﺪ ﺑﺪﻭﻥ ﺣﺎﺋﻞ، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : " ﻣﻦ ﻣﺲ ﻓﺮﺟﻪ ﻓﻠﻴﺘﻮﺿﺄ ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ .
5. ﻟﻤﺲ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﺒﺸﺮﺓ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺃﻭ ﻟﻤﺴﻬﺎ ﻟﺒﺸﺮﺗﻪ ﺑﺸﻬﻮﺓ ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﺃﻭ ﻻ ﻣﺴﺘﻢ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ) [ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ : 43 ] . ﻭﺍﻷﻇﻬﺮ ﻋﺪﻡ ﻧﻘﻀﻪ ﻟﻠﻮﺿﻮﺀ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺑﺎﻟﻤﻼﻣﺴﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻉ .
6. ﺃﻛﻞ ﻟﺤﻢ ﺍﻹﺑﻞ ﻟﺤﺪﻳﺚ ﺟﺎﺑﺮ ﺑﻦ ﺳﻤﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻥ ﺭﺟﻼً ﺳﺄﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : ﺃﻧﺘﻮﺿﺄ ﻣﻦ ﻟﺤﻢ ﺍﻟﻐﻨﻢ؟ ﻗﺎﻝ : " ﺇﻥ ﺷﺌﺖ ﻓﺘﻮﺿﺄ، ﻭﺇﻥ ﺷﺌﺖ ﻻ ﺗﺘﻮﺿﺄ " ، ﻗﺎﻝ : ﺃﻧﺘﻮﺿﺄ ﻣﻦ ﻟﺤﻮﻡ ﺍﻹﺑﻞ؟ ﻗﺎﻝ : ﻧﻌﻢ ﺗﻮﺿﺄ ﻣﻦ ﻟﺤﻮﻡ ﺍﻹﺑﻞ ." ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ .
7. ﻏﺴﻞ ﺍﻟﻤﻴﺖ، ﻷﻥ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻭﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺄﻣﺮﺍﻥ ﻏﺎﺳﻞ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﺑﺎﻟﻮﺿﻮﺀ، ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﻫﺮﻳﺮﺓ : ﺃﻗﻞ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻮﺿﻮﺀ .
8. ﺍﻟﺮﺩﺓ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻟﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﻟﺌﻦ ﺃﺷﺮﻛﺖ ﻟﻴﺤﺒﻄﻦ ﻋﻤﻠﻚ [ ﺍﻟﺰﻣﺮ 65: ] .
وقد أجاب الشيخ بن عثيمين على سؤال ماهي مبطلات الوضوء ومفسداته قائلا :
نواقض الوضوء ممّا حصل فيه خلاف بين أهل العلم، لكن نذكر ما يكون ناقضاً بمقتضى الدليل:
الأول: الخارج من السبيلين، أي الخارج من القُبُل أو من الدُّبُر، فكل ما خرج من القُبل أو الدبر فإنه ناقض الوضوء، سواءً كان بولاً أم غائطاً، أم مذياً، أم منياً، أم ريحاً، فكل شيء يخرج من القبل أو الدبر فإنه ناقض للوضوء ولا تسأل عنه، لكن إذا كان منيّاً وخرج بشهوة، فمن المعلوم أن يوجب الغسل، وإذا كان مذياً فإنه يوجب غسل الذكر والأنثيين مع الوضوء أيضاً.
الثاني: النوم إذا كان كثيراً بحيث لا يشعر النائم لو أحدث، فأما إذا كان النوم يسيراً يشعر النائم بنفسه لو أحدث فإنه لا ينقض الوضوء، ولا فرق في ذلك أن يكون نائماً مضطجعاً أو قاعداً معتمداً أو قاعداً غير معتمد، فالمهم حالة حضور القلب، فإذا كان بحيث لو أحْدث لأحسَّ بنفسه فإن وضوءه لا ينتقض، وإن كان في حال لو أحْدث لم يحسّ بنفسه، فإنه يجب عليه الوضوء، وذلك لأن النوم نفسه ليس بناقض وإنما مظنة الحدث، فإذا كان الحدثُ مُنتقياً لكون الإنسان يشعر به لو حصل منه، فإن لا ينتقض الوضوء.
والدليل على أن النوم نفسه ليس بناقض أن يسيره لا ينقض الوضوء، ولو كان ناقضاً لنقض يسيرهُ وكثيرهُ كما ينقض البولُ يسيرهُ وكثيره.
الثالث: أكل لحم الجزور، فإذا أكل الإنسان من لحم الجزور -الناقة أو الجمل-، فإنه ينتقض وضوؤه سواءً كان نيِّا أو مطبوخاً، لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر بن سمرة، أنه سُئل النبي صلى الله عليه وسلم أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: "إنْ شئت"، فقال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: "نعم"، فكونه صلى الله عليه وسلم يجعل الوضوء من لحم الغنم راجعاً إلى مشيئة الإنسان، وأنه لابدَّ منه، وعلى هذا فيجب الوضوء من لحم الإبل إذا أكله الإنسان نيئاً أو مطبوخاً، ولا فرق بين اللحم الأحمر واللحم غير الأحمر، فينقض الوضوء أكلُ الكرش والأمعاء والكبد والقلب والشحم وغير ذلك، وجميع أجزاء البعير ناقضٌ للوضوء، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يُفصِّل وهو يعلم أن الناس يأكلون من هذا ومن هذا، ولو كان الحكم يختلف لكان النبي صلى الله عليه وسلم يبيِّنه للناس حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم.
ثم إننا لا نعلم في الشريعة الإسلامية حيواناً يختلف حُكمه بالنسبة لأجزائه، فالحيوان إمّا حلال أو حرام، وإما موجب للوضوء أو غير موجب، وأما أن يكون بعضه له حكم وبعضه له حكم فهذا لا يُعرف في الشريعة الإسلامية، وإن كان معروفاً في شريعة اليهود، كما قال الله تعالى: {وعلى الذين هادوا حرَّمنا كلَّ ذي ظفر من البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم}، ولهذا أجمع العلماء على أن شحم الخنزير مُحَّرم مع أن الله تعالى لم يذكر في القرآن إلا اللحم، فقال تعالى: {حُرِّمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهلَّ لغير الله به}، ولا أعلم خلافاً بين أهل العلم في أن شحم الخنزير محرَّم. وعلى هذا فنقول: اللحم المذكور في الحديث بالنسبة للإبل يدخل فيه الشحم والأمعاء والكرش وغيرها .
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻋﻠﻢ .