ما هي مفسدات الصوم ومبطلاته مع ذكر الدليل ؟
إنقر هنا لعرض الإجابة
التعريف :
الأدلة على ذلك من الكتاب والسُنة :
وشرح هذه الشروط الثلاثة التي لا يُفسد الصائم صومه إلا بها هي كالآتي :
مفسدات الصوم أو مبطلات الصوم هي المفطرات التي اذا فعلها الصائم اصبح مفطرا في يومه ذلك وعليه اما قضاء صيام ذلك اليوم او كفارة او غيرها من الاحكام حسب الحالة التي كان عليها ، وسيتم توضيح جميع الاحكام عن مفسدات الصيام في هذه الفتوى .
- مفطرات الصيام :
1- الجماع .
2- الأكل .
3- الشرب .
4- إنزال المني بشهوة .
5- ما كان بمعنى الأكل والشرب .
6- القيء عمداً .
7- خروج الدم بالحجامة .
8- خروج دم الحيض والنفاس .
الأدلة على ذلك من الكتاب والسُنة :
الدليل الأول - الثاني - الثالث : أما دليل الجماع - الأكل - الشرب فهو قوله تعالى : ( فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (البقرة: الآية 187) .
الدليل الرابع : وأما إنزال المني بشهوة فدليله قوله تعالى في الحديث القدسي في الصائم : (( يدع طعامه و وشرابه وشهوته من أجلي)) .
وإنزال المني يعتبر شهوة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( في بضع أحدكم صدقة، قالوا يا رسول الله : أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجرا ؟ قال أرأيتم لو وضعها في الحرام – أكان عليه وزر- فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر))
والذي يوضع إنما هو المني الدافق، ولهذا كان القول الراجح أن المذي لا يفسد لصوم حتى وإن كان بشهوة ومباشرة بغير جماع .
الدليل الخامس : ما كان بمعنى الأكل والشرب وهو الإبر المغذية التي يستغني بها عن الأكل والشرب ، لأن هذه وإن كانت ليست أكلاً ولا شرباً لكنها بمعنى الأكل والشرب حيث يستغني بها عنهما، وما كان بمعنى الشيء فله حكمه، ولذلك يتوقف بقاء السم على تناول هذه الإبر بمعنى أن الجسم يبقى متغذياً على هذه الإبر التي لا تغذي ولا تقوم مقام الأكل والشرب فهذه لا تفطر سواء تناولها الإنسان في الوريد ، أو في العضلات، أو في أي مكان من بدنه.
الدليل السادس : القيء عمداً أي أن يتقيأ الإنسان ما في بطنه حتى يخرج من فمه، لحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من استقاء عمداً فليقض، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه)) .
والحكمة في ذلك أنه إذا تقيأ فرغ بطنه من الطعام، واحتاج البدن إلى ما يرد عليه هذا الفراغ، ولهذا نقول: إذا كان الصوم فرضاً فإنه لا يجوز للإنسان أن يتقيأ ، لأنه إذا تقيأ أفسد صومه الواجب .
الدليل السابع : خروج الدم بالحجامة فلقول النبي صلى الله عليه وسلم (( أفطر الحاجم والمحجوم )) .
وأما الثامن : وهو خروج دم الحيض والنفاس لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة : ((أليس إذا حاضت لم تُصلِ ولم تصم)) وقد أجمع أهل العلم على أن الصوم لا يصح من الحائض، ومثلها النفساء .
وهذه المفطرات وهي مفسدات الصوم لا تفسده إلا بشروط ثلاثة وهي :
- 1- العلم .
2- الذِكر .
3- القصد .
وشرح هذه الشروط الثلاثة التي لا يُفسد الصائم صومه إلا بها هي كالآتي :
الشرط الأول - العلم :
أن يكون عالماً بالحكم الشرعي وعالماً بالحال أي بالوقت، فإن كان جاهلاً بالحكم الشرعي، أو بالوقت فصيامه صحيح لقول الله تعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى : (( قد فعلت)) ولقوله تعالى : (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ) (الأحزاب: الآية5) وهذان دليلان عامان .
ولثبوت السنة في ذلك في أدلة خاصة في الصوم ، في الصحيح من حديث عدي بن حاتم-رضي الله عنه – أنه صام فجعل تحت وسادته عقالين - وهما الحبلان اللذان تشد بهما يد البعير إذا برك- أحدهما أسود، والثاني أبيض، وجعل يأكل ويشرب حتى تبين له الأبيض من الأسود ، ثم أمسك، فلما أصبح غداً ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس المراد بالخيط الأبيض والأسود في الآية الخيطين المعروفين، وإنما المراد بالخيط الأبيض بياض النهار، وبالخيط الأسود سواد الليل، ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء الصوم ؛ لأنه كان جاهلاً بالحكم ، عندما ظن أن هذا معنى الآية الكريمة.
وأما الجهل بالوقت ففي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر- رضي الله عنهما- قالت : (( أفطرنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس )) .
ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء، ولو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنُقل إلى الأمة لقول الله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9). فلما لم ينقل مع توافر الدواعي على نقله عُلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم به، ولما لم يأمرهم به- أي بالقضاء – عُلم أنه ليس بواجب، و مثل هذا لو قام الإنسان من النوم يظن أنه في الليل فأكل أو شرب ، ثم تبين له أن أكله وشربه كان بعد طلوع الفجر فإنه ليس عليه قضاء، لأنه كان جاهلاً.
الشرط الثاني - الذكر :
فهو أن يكون ذاكراً، وضد الذكر النسيان، فلو أكل أو شرب ناسياً فإن صومه صحيح ولا قضاء عليه، لقول الله تعالى: ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى : (( قد فعلت)) .
ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه))
الشرط الثالث - القصد :
وهو أن يكون الإنسان مختاراً لفعل هذا المفطر ، فإن كان غير مختار فإن صومه صحيح سواء كان مكرهاً أم غير مكره، لقول الله تعالى في المُكرَهِ على الكفر : (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النحل:106) فإذا كان حكم الكفر يغتفر بالإكراه فما دونه من باب أولى .
وللحديث الذي يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم : (( أن الله رفع عن أمتي الخطأ ، والنسيان، وما استكرهوا عليه)) وعلى هذا فلو طار إلى أنف الصائم غبار ووجد طعمه في حلقه ونزل إلى معدته فإنه لا يفطر بذلك؛ لأنه لم يتقصده ، وكذلك لو أكره على الفطر فأفطر دفعاً للإكراه فإن صومه صحيح؛ لأنه غير مختار، وكذلك لو أحتلم فأنزل وهو نائم فإن صومه صحيح؛ لأن النائم لا قصد له، وكذلك لو أكره الرجل زوجته وهي صائمة فجامعها فإن صومها صحيح لأنها غير مختارة.
وهاهنا مسألة يجب التفطن لها وهي أن الرجل إذا أفطر بالجماع في نهار رمضان والصوم واجب عليه فإنه يترتب على جماعة خمسة أمور وهي :
- الأول : الإثم .
الثاني : وجوب إمساك بقية اليوم .
الثالث : فساد صومه .
الرابع : القضاء .
الخامس : الكفارة .
ولا فرق بين أن يكون عالماً بما يجب عليه في هذا الجماع أو جاهلاً، يعني أن الرجل إذا جامع في صيام رمضان والصوم واجب عليه، ولكنه لا يدري أن الكفارة تجب عليه، فإنه تترتب عليه أحكام الجماع السابقة؛ لأنه تعمد المفسد، وتعمده المفسد يستلزم ترتب الأحكام عليه .
بل في حديث أبي هريرة أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( يا رسول الله هلكت، قال : (( ما أهلكك؟)) قال وقعت على امرأتي في رمضان وأنا صائم، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالكفارة ) ، مع أن الرجل لا يعلم هل عليه كفارة أو لا .
وفي قولنا : (( والصوم واجب عليه)) احتراز عما إذا جامع الصائم في رمضان وهو مسافر مثلاً فإنه لا تلزمه الكفارة، مثل أن يكون الرجل مسافراً بأهله في رمضان وهما صائمان، ثم يجامع أهله، فإنه ليس عليه كفارة، وذلك لأن المسافر إذا شرع في الصيام لا يلزمه إتمامه إن شاء أتمه، وإن شاء أفطر وقضى.
المُفتي :
بن عثيمين
والله أعلم ،،،